تنزيل المقال تنزيل المقال

جميعنا نشعر بالذنب بين الحين والآخر، وهو شعور بالمسؤولية حيال أمر سيئ أو خاطئ.[١] للشعور بالذنب مصادر عديدة، فقد ينتج مثلًا عن الظن بأنك قد ارتكبت فعلًا خاطئًا أو تسببت بأذية أحدهم أو لم تحرك ساكنًا بينما كان عليك التصرف. قد ينجم أيضًا عن الشعور بنجاحك بينما فشل الآخرون، وذلك هو مفهوم في "ذنب الناجي".[٢] الشعور بالذنب ليس مذمومًا على الدوام، لأنه يدفع المرء للشعور بالندم وتغيير سلوكه مستقبلًا، ويمنحه الشعور بالتعاطف. وعلى الجانب الآخر، يُمكن للشعور بالذنب أن يُصبح مشكلة عندما لا يكون مثمرًا ولا يساعد في تغيير السلوك الشخصي بل يسبب حلقة مفرغة من الذنب والخزي.[٣]

جزء 1
جزء 1 من 3:

فهم شعورك بالذنب

تنزيل المقال
  1. يمكن للشعور بالذنب أن يكون مثمرًا عندما يساعدنا على النمو والتطور، والأهم أنه يساعدنا في تعلم دروس من سلوكياتنا التي تسببنا عبرها بإيذاء الآخرين أو أنفسنا. هذا النوع من الشعور بالذنب له فائدة ويساعدنا في إعادة توجيه بوصلتنا الأخلاقية والسلوكية.[٤]
    • لنفترض مثلًا أنك قلتَ كلامًا جارحًا بحق صديق عزيز عليك وشعرتَ بالذنب حيال ذلك، فستتعلم عدم التفوه بتلك الأقوال مرة أخرى وإلا ستُخاطر بخسارة أصدقائك. بمعنى آخر، ستتعلم من أخطائك. بهذه الطريقة نجد أن الشعور بالذنب كان مثمرًا ولعب دورًا إيجابيًا في إعادة تشكيل سلوكك.[5]
    • مثال آخر: إن كنت تشعر بالذنب لتناول كيسًا كاملًا من رقائق البطاطس المقلية فهذه هي الطريقة التي يذكرك بها عقلك بأن هذا التصرف غير صحي، ومن المرجح أنك تعلم ذلك بالفعل. لهذا فإن الشعور المعقول بالذنب يحفزك للتفكير في سلوكياتك وتغييرها نحو الأفضل.[6] [7]
  2. يمكن للشعور بالذنب أن يكون غير مثمر أيضًا، فتشعر بالذنب رغم عدم حاجتك للتفكير بتصرفك أو تحسينه. هذا هو الشعور غير العقلاني بالذنب الذي قد يتطور ليصبح حلقة مفرغة تبدأ فيها بالشعور بالذنب دون سبب حقيقية ثم تغرق في التفكير بذلك الشعور.[8]
    • مثال: الكثير من الآباء الجدد يخشون العودة للعمل بسبب ظنهم أن ترك ابنهم مع المربية أو في مركز رعاية أطفال سيتسبب لهم بضرر غير معروف في نموهم الجسدي والعقلي، لكن ذلك غير حقيقي. في واقع الأمر، معظم الأطفال ينمون جسديًا وعقليًا بغض النظر عن عمل الآباء من عدمه. ما من شيء يشعر المرء بالذنب حياله في هذا الموقف، ولكن ذلك ما يحدث. بمعنى آخر، هذا الشعور بالذنب لا يثمر عن شيء مفيد سوى المزيد من الشعور بالذنب غير العقلاني.[9]
    • الشعور غير المثمر بالذنب قد تكون له آثار سلبية على حالتك السلوكية، فقد تصبح مثلًا متماديًا في نقد الذات أو تشعر بانخفاض ثقتك بنفسك أو تشك في قيمتك الذاتية.[10]
  3. من المهم أن تعلم أنه في بعض الأحيان نشعر بالذنب حيال أمر ليس لنا تحكم بها، مثل حوادث السيارات أو عدم الوصول في الموعد المناسب لتوديع أحد الأحباب قبل رحيله عن الدنيا. أحيانا ً يُبالغ الواقعون في تلك الأحداث المؤلمة في تقدير معرفتهم بها وما كان بإمكانهم فعله. بمعنى آخر، يظن أولئك الناس أنه كان يجدر بهم أو كان بإمكانهم فعل ما هو أكثر، ولكن في الحقيقة الأمر فإن ذلك غير صحيح.[11] هذا الشعور الحاد بالذنب قد يسبب الإحساس بالعجز وفقدان السيطرة.
    • قد تشعر مثلًا بالذنب لنجاتك من حادث سيارة بينما توفي صديقك، وذلك يُعرف بذنب الناجي. ذلك الشعور يظهر عادة عندما نحاول تفسير وفهم الأحداث الصادمة في حياتنا. في هذه الحالة من الشعور بالذنب الخطير، يجدر بك طلب مساعدة معالج مختص يمكنه مساعدتك في فهم شعورك بالذنب.
  4. خض رحلة من الاستكشاف الذاتي لتتمكن من فهم مشاعرك حق الفهم وتحديد ما إن كنت تشعر بالذنب حقًا وليس شعورًا آخر. أظهرت بعض الدراسات المعتمدة على فحوصات أشعة الرنين المغناطيسي (MRI) على المخ أن الشعور بالذنب هو عاطفة تختلف تمامًا عن الخزي أو الحزن. في الوقت ذاته، أظهرت تلك الدراسات أن الشعور بالخزي والحزن كثيرًا ما يصاحب الشعور بالذنب. لهذا السبب فإنه من المهم أن تقضي بعض الوقت في التفكير بمشاعرك كي تحدد بدقة ما عليك مواجهته والتعامل معه.[12]
    • حدد أفكارك وأحاسيسك والبيئة المحيطة بك وشعورك الجسدي. يمكنك فعل هذا معرفيًا وسلوكيًا عبر التدرب على اليقظة، وذلك يعني أن تركز فقط على ما تشعر به في تلك اللحظة دون إطلاق أحكام أو ردود أفعال.
    • يمكنك بدلًا من ذلك تدوين أحاسيسك في مفكرة يوميات. إن كتابة ما تمر به قد يساعدك في توضيح تلك المشاعر عندما تحاول تحويلها إلى كلمات مكتوبة.
    • مثلًا: "أشعر اليوم بأنني غارق في الذنب، كما أشعر بالحزن. لا يمكنني التوقف عن التفكير بالأمر. أعلم أنني متوتر بسبب الصداع وأوجاع الكتفين واضطراب المعدة."
  5. فكر في سبب شعورك بالذنب، وحاول أيضًا كتابة كل شيء لتبدأ بعملية تحليل شعورك بالذنب. إليك بعض الأمثلة:
    • "تركتُ الكلب يخرج فدهسته سيارة. أشعر بالذنب لموته لأن عائلتنا كانت تحبه كثيرًا."
    • "لم أذاكر للاختبار وحصلتُ على علامة منخفضة. أشعر بالذنب لخذلان والدي، فهما يدفعان الكثير من المصاريف الدراسية لأجلي."
    • "لقد قطعتُ علاقتي بصديقي، وأشعر بالذنب لأن ذلك يؤذيه كثيرًا."
    • "توفيت والدة صديقي، وما تزال والدتي على قيد الحياة وبأحسن حال. أشعر بالذنب لأن حياة صديقي تعمها الفوضى بينما حياتي مثالية."
  6. سيتوجب عليك تقبل حقيقة عدم قدرتك على تغيير الماضي وأحداثه.[13] القبول يتضمن كذلك الإقرار بصعوبة تحمل المشاعر المؤلمة وكذلك قدرتك على مواجهتها حاليًا. هذه هي أول مرحلة في التعامل المناسب مع الشعور بالذنب والمضي قدمًا في حياتك. من المفيد أن تخبر نفسك بعبارات مطمئنة تركز على القبول والمسامحة. إليك أمثلة لتلك العبارات:
    • "أعلم أن التعامل مع الشعور بالذنب أمرٌ شاق، ولكن أظنني قادرًا على التحمل حاليًا."
    • "هذا أمرٌ صعب، ولكن يمكنني تقبل ما حدث وعدم مقاومة أو تجنب هذا الشعور، فما حدث قد حدث."
جزء 2
جزء 2 من 3:

التكفير عن أخطائك

تنزيل المقال
  1. إن كان شعورك بالذنب ناجمًا عن شيء فعلته وأثر على شخص سلبيًا.[14] رغم أن الاعتذار من القلب قد لا يزيل مشاعر الذنب فهو سيبدأ بتخفيفها عبر منحك وقتًا للتعبير عن مدى شعورك الحقيقي بالذنب.
    • خصص وقتًا للحديث إلى الشخص المقصود وقدم له اعتذارًا صادقًا على أفعالك. صحح أخطاءك عاجلًا لا آجلًا.[15]
    • تذكر أن تقديم الاعتذار للطرف الآخر لا يعني أن عليه قبوله. لا يمكنك التحكم برد فعل الشخص الآخر أو ما سيفعله حيال ما قلته. رغم ذلك فإن عليك معرفة أن هذه الخطوة الأولى نحو إزالة شعورك بالذنب. رغم أن الشخص قد لا يتقبل عذرك، فما يزال بإمكانك الفخر بقبولك لمشاعرك بالذنب وإقرارك بمسؤوليتك عن أفعالك ومحاولتك إظهار ندمك وتعاطفك باستمرار.[16]
  2. في الحالات التي يكون فيها الشعور بالذنب مثمرًا، فعليك الالتزام بتغيير سلوكك لتجنب تكرار الموقف وبالتالي شعورك بالذنب.[17] لا يمكنك مثلًا إعادة كلبك إلى الحياة، ولكن يمكنك الحرص على عدم ترك حيواناتك الأليفة تخرج من المنزل مستقبلًا دون مراقبتها وربطها. في حال فشلك في الامتحان فيمكنك الالتزام بتخصيص المزيد من الوقت للمذاكرة كي لا تُهدر المزيد من أموال والديك.
    • في بعض الأحيان، قد لا يكون هناك سلوك لتعدله، ولكن ما يزال بإمكانك تغيير حالتك للأفضل. لا يمكنك مثلًا إعادة والدة صديقك للحياة، ولكن يمكنك الحرص على تقديم الدعم له أثناء فترة حداده والحرص على أن تخبر والدتك بمدى حبك لها كذلك.
  3. كثيرًا ما يشعر المذنبون بالخزي حال أمرٍ فعلوه أو لم يفعلوه. حتى إن كنت قد كفرت عن أخطائك بحق الآخرين فربما يظل الشعور بالذنب داخلك، لذا فعليك أيضًا مسامحة نفسك. إن تعلم فعل ذلك يُعد أمرًا هامًا لاستعادة ثقتك بنفسك التي ربما تتأذى بسبب الشعور بالذنب والخزي.
    • حاول كتابة خطاب إلى نفسك. كتابة خطاب إلى نفسك الماضية أو الصغرى يُعد وسيلة سلوكية لبدء عملية مسامحة نفسك.[18] استخدم نبرة متسامحة ومحبة في تذكير نفسك بأن الماضي يقدم لنا العديد من فرص التعلم ويساعدنا في بناء تعاطفنا مع الآخرين. ذكر نفسك بأن كيفية تصرفك أو ما فعلته كان كل ما يمكنك فعله حينها. فكر في إنهاء الخطاب باعتراف كنهاية رمزية للموقف. لقد تقبلتَ وواجهت وكفرت عن شعورك بالذنب، وقد حان وقت تركه في الماضي.
جزء 3
جزء 3 من 3:

إعادة الهيكلة السلوكية

تنزيل المقال
  1. يمكن للشعور بالذنب أن يكون أداة مثمرة تساعدك في تغيير سلوكك أو بناء تعاطفك تجاه الآخرين، لذا فإن تحويل عبارات الذنب إلى عبارات امتنان يضيف قيمة إلى التجربة ويساعدك في تغيير نظرتك للماضي، كما يساعد في التعافي من الذنب وتحويله إلى شيء مثمر يمكنك تحسين حياتك من خلاله.[19]
    • دون عبارات/أفكار الشعور بالذنب التي تراودك، ثم حولها إلى عبارات امتنان. عادة ما تبدأ عبارات الذنب بـ "كان يجدر بي أن..." أو "كان بإمكاني أن..." أو "لا أصدق أنني قد..." أو "لماذا لم أقم بـ...". حول تلك المقولات إلى عبارات تركز على ما أنت ممتنٌ له.
    • مثال: استبدل عبارة 'ما كان يجدر بي انتقاد زوجتي عندما كنا معًا' إلى 'أنا ممتنٌ لأنني تعلمت ألا أكون ناقدًا حادًا في علاقاتي المستقبلية.
    • مثال: غير عبارة 'لماذا لم أكف عن التدخين؟ التدخين أدى لتفكك عائلتي' إلى 'أنا ممتنٌ لأنني تمكنت من الإقلاع عن التدخين وأصلحت علاقتي بعائلتي.'
  2. التطمين هو عبارة إيجابية يُقصد بها التشجيع والتحفيز. تساعدك هذه الطريقة على استعادة إحساسك بقيمة ذاتك وتعاطفك مع نفسك، وهي أحاسيس تتعرض للاستنزاف بفعل الذنب والخزي. ارفع من درجة تعاطفك يوميًا عبر الكلام أو الكتابة أو التفكير في عبارات مطمئنة. إليك بعض الأمثلة:[20]
    • "أنا شخصٌ صالح وأستحق الأفضل رغم أفعالي في الماضي."
    • "أنا لستُ مثاليًا. أنا أرتكب الأخطاء، ولكن يمكنني التعلم من دروس الماضي."
    • "أنا بشرٌ أخطئ وأصيب كأي شخص آخر."
  3. العبارات التالية يمكنها مساعدتك في إنشاء معانٍ مختلفة لأفعالك وتجاربك الماضية التي تُثير فيك مشاعر الذنب. بهذه الطريقة ستؤدي هذه العملية إلى مساعدتك في تغيير أفكارك من أجل البدء في إزالة الشعور بالذنب. حاول تذكر الآتي عندما تجد نفسك عالقًا في أحد أنماط التفكير غير المثمر أو الغرق في التفكير بأفعال الماضي.[21]
    • "يمكن للذنب أن يكون أداة تعليم مهمة في المستقبل." انظر للدروس المستفادة واعلم أنها تجعلك أكثر حكمة. إن كنت تندم مثلًا على عدم معاملة زوجتك باحترام وتقدير بسبب رؤيتك الشخصية لعواقب ذلك على الزواج، فإن هذه المعرفة ستجعلك زوجًا أكثر حكمة في المستقبل.
    • "الشعور بالذنب حيال أفعال الماضي قد يؤدي لتطوير إحساس التعاطف لإقرار بالأذى الذي سببته أفعالك الماضية، وذلك من شأنه مساعدتك في إدراك تأثيرك على الآخرين." تذكر أن امتلاك مهارة التعاطف يساعدك في تحسين فهمك لمشاعر الآخرين. إن شعرت مثلًا بالذنب حيال صراخك بصديقك لإدمانه التدخين، فمن الأفضل أن تقر بتأثير أفعالك على مشاعر صديقك.
    • "لا يمكنك تغيير أحداث الماضي، ولكن يمكنك اختيار كيفية تأثير ماضيك على حاضرك ومستقبلك." لا يمكنك مثلًا تغيير حقيقة فشلك في الاختبار، ولكن يمكنك اتخاذ خيار مستقبلي لن يؤدي بك إلى النتيجة ذاتها."
  4. السعي للمثالية والكمال في أي جانب من جوانب حياتنا يُعد تصرفًا غير واقعي. الأخطاء جزءٌ من الحياة وهي تساعدنا على التعلم.[22] اشترك في أنشطة إيجابية ومشجعة ومحتوية على فرص لفعل الخير. اسمح لنفسك برؤية التأثير الإيجابي الحالي لبعض الأخطاء عليك وعلى شخصيتك، والتي أدت سابقًا لشعورك بالذنب.[23]
    • الغرق في مشاعر الذنب السلبية قد يؤدي إلى ارتفاع غير معقول في مستويات الخزي واحتقار الذات. إن وجدت نفسك غارقًا في التفكير بالشعور بالذنب لدرجة تأثيره على صحتك النفسية وحياتك اليومية، فيجدر بك استشارة مختص بالصحة النفسي الذي يمكنه مساعدتك باستخدام أساليب إعادة الهيكلة السلوكية.

المزيد حول هذا المقال

Allison Broennimann, PhD
شارك في التأليف::
أخصائية في علم النفس السريري
شارك في التأليف: Allison Broennimann, PhD . د. أليسون بروينيمان أخصائية علم نفس سريري معتمدة تملك عيادتها الخاصة في منطقة خليج سان فرانسيسكو، وتقدم من خلالها خدمات العلاج النفسي وعلم نفس الأعصاب. بخبرة أكثر من 10 سنوات، د. أليسون متخصصة في العلاج النفسي المتعمق لتقديم علاجات هادفة لإيجاد حلول لحالات القلق والتوتر ومشكلات العلاقات العاطفية والحزن وصعوبات التكيف والمعاناة من الصدمات وتحولات مراحل العمر. كجزء من ممارستها لعلم النفس العصبي، تدمج العلاج النفسي العميق وإعادة التأهيل المعرفي للمتعافين من جروح الدماغ الرضحية. حصلت د. بروينيمان على بكالوريوس علم النفس من جامعة كاليفورنيا، سانتا كروز، ودرجة الماجستير والدكتوراه في علم النفس السريري من جامعة بالو ألتو. حاصلة على اعتماد مجلس كاليفورنيا للطب النفسي، وعضو جمعية علم النفس الأمريكي. تم عرض هذا المقال ١٥٬٨٦٧ مرة/مرات.
تصنيفات: النمو الشخصي
تم عرض هذه الصفحة ١٥٬٨٦٧ مرة.

هل ساعدك هذا المقال؟