أُصيبت الدولة الإلخانيَّة، بعد وفاة أبو سعيد بهادر خان، بِالتصدُّع، وتمزَّقت إلى أقاليم لِكُلٍ منها وضعٌ خاص. والواقع أنَّ علائم الانهيار كانت قد بدأت تظهر على جسم الدولة خِلال حُكم أبي سعيد، الذي يُعد آخر الإلخانيين الكبار، وذلك بِفعل تنازُع القادة والأُمراء والوُزراء، وظهرت أزمة السُقُوط بعد وفاته المُفاجئة إذ لم يكن هُناك من المُرشحين رسميًّا لِولاية العهد أحد من أبناء الأُسرة، لِأنَّهُ لم يعقب، فانقطعت ذُريَّة هولاكو من الذُكُور، فضلًا عن أنَّ وفاته لم تكن مُتوقَّعة، وحلَّ الأُمراء الأقوياء مكان بقايا السلاطين الإلخانيين من الذين كان آباؤهم قد اختفوا بين أواسط العامَّة خوفًا من بطش الألاخين بهم، وأمسكوا بِزمام الأُمُور يتلاعبون بِهؤلاء ويُحرِّكونهم كالدُمى. وانقسمت إيران، في هذا العهد، إلى قسمين كبيرين بين عائلتين، عائلة جوبان وورثته، وعائلة حسن الجلائري، وكان في كُل أُسرة أمير يُدعى «حسن»، ولِلتفرقة بينهما سُمِّي حفيد جوبان «حسن الصغير» وسُمِّي مُؤسس الدولة الجلائريَّة بِـ«حسن الكبير»، وسُرعان ما طغى اسماهُما على أسماء الألاخين الذين نُصِّبوا في تلك الحقبة.[4] ووصف ابن بطُّوطة وضع الدولة الإلخانيَّة بعد وفاة أبي سعيد، وذكر المُتغلِّبين على أقاليمها، فقال إنَّ حسن الجلائري استقلَّ بِمُلك عراق العرب، وتغلَّب إبراهيم شاه بن سنيته على الموصلوديار بكر، وسيطر الأمير أرتنا على الأناضول، وحسن خواجة بن تيمورطاش بن جوبان على تبريزوسُلطانيَّةوهمذانوقُموقاشانوالرّيورامينوفرغانةوالكرج، والأمير طُغتيمور على بعض بلاد خُراسان، والأمير حسن بن غيَّاث الدين على هراة ومُعظم بلاد خُراسان، وملك دينار على بلاد مكران وبلاد كبج، ومُحمَّد شاه بن مُظفَّر على يزدوكرمان وورقو، وقُطب الدين يمهتن على هُرمُزوكيشوالقطيفوالبحرينوقلهات، والسُلطان أبو إسحٰق على شيرازوأصفهانوفارس، وأفراسياب أتابك الذي تغلَّب على إيذج وغيرها من البلاد.[5] والواقع أنَّهُ ساد هذه الحقبة، التي سبقت السُقُوط، اضطرابٌ شديد، حيثُ تعاقب الألاخين على العرش بِشكلٍ مُتسارع، وقد اتصفوا بِالضُعف والتخاذل وأضحوا أُلعُوبة في أيدي الأُمراء يُحرِّكونهم وفقًا لِأهوائهم ورغباتهم، كما انتشرت الفتن والقلاقل في كُل أنحاء إيران، وراودت المُتغلبين فكرة الانفصال عن الحُكُومة المركزيَّة والاستقلال بما تحت أيديهم.[4] وكان أنوشيروان بن تيمورطاش آخر الألاخين المعروفين في تاريخ مغول فارس، وقد نصَّبه الأمير الجوباني ملك أشرف على العرش، فحكم في ظلِّه حتَّى قُتل ملك أشرف على يد جاني بك بن أوزبك، خان مغول القفجاق، بِتحريضٍ من سُكَّان تبريز الذين ضاقوا ذرعًا منه بسبب أعماله السيِّئة وسيرته البشعة، فزال بِمقتله مُلك الإلخان الصوري أنوشيروان، ولا يُعرف ما حلَّ به، وقد وُجدت سكَّة تحملُ اسمه حتَّى سنة 756هـ المُوافقة لِسنة 1355م،[ْ 1] وهي السنة التي انقرضت فيها الدولة الإلخانيَّة في إيران وزالت نهائيًّا بعد أن انقضت فعليًّا بعد وفاة أبي سعيد خان.
^JACKSON، PETER؛ LOCKHART، LAURENCE (1986). The Cambridge history of Iran. Vol. 6: The Timurid and Safavid periods. Cambridge, UK: University Press. ص. 3. ISBN:0-521-20094-6.